إخلاص النيّة لله -سبحانه وتعالى:
فلا بُدّ من استقبال شهر رمضان بتجديد النيّة، وعَقْد العزم على استغلال الأوقات المُباركة؛ وذلك بالتزام الطاعات، واجتناب المعاصي والسيّئات، وتطهير القلوب، والتوبة الصادقة، لا سيّما أنّ الله -سبحانه وتعالى- يجزي العبد على نيّته؛ إذ رُوي عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-، أنّه قال: (إنَّما الأعْمالُ بالنِّيّاتِ، وإنَّما لِكُلِّ امْرِئٍ ما نَوَى).
و إن مات العبد مات على هذه النية الصالحة اما من كانت نيته قبل رمضان فعل المعاصي و تضيع الأوقات فليحذر فلعله اخر رمضان و الموت ليس له عمر فلا تغتر بشبابك و لا صحتك.
التوبة الصادقة :
وهي واجبة في كل وقت، لكن بما أنه سيقدم على شهر عظيم مبارك فإن من الأحرى له أن يسارع بالتوبة مما بينه وبين ربه من ذنوب، ومما بينه وبين الناس من حقوق؛ ليدخل عليه الشهر المبارك فينشغل بالطاعات والعبادات بسلامة صدر، وطمأنينة قلب.
قال تعالى: (وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) النور/ من الآية 31.
عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ تُوبُوا إِلَى اللَّهِ فَإِنِّي أَتُوبُ فِي الْيَوْمِ إِلَيْهِ مِائَةَ مَرَّةٍ." رواه مسلم (2702)
الدعاء:
وقد ورد عن بعض السلف أنهم كانوا يدعون الله ستة أشهر أن يبلغهم رمضان، ثم يدعونه خمسة أشهر بعدها حتى يتقبل منهم.
فيدعو المسلم ربَّه تعالى أن يبلِّغه شهر رمضان على خير في دينه في بدنه، ويدعوه أن يعينه على طاعته فيه، ويدعوه أن يتقبل منه عمله.
( إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ) [سورة الفاتحة:5] فلا عبادة بدون استعانة بالله و لاحول ولا قوة لنا إلا بالله .
تعلُّم أحكام الصيام:
فقد ذهب أهل العلم إلى وجوب تعلُّم أحكام الصيام على كلّ مَن وجب عليه الصيام؛ لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، فالصلاة واجبة، فتعلم أحكام الصلاة واجب، لأن هذا الواجب لا يقوم إلا بتعلم هذه الأحكام، الصيام واجب، معرفة ما يخل بهذا الفرض واجب، لأنه قد يتطرق الخلل إليه وهو لا يشعر فهو واجب يأثم بتركه.
إذ إنّ الجهل بأحكام الصيام، وآدابه، وشروطه من الأسباب التي قد تحرم المسلم من الأجر والثواب، ولَرُبّما صام من لديه عُذرٌ شرعيٌّ يُوجب إفطاره، ولرُبَّما صام العبد ولم يَنل من صيامه إلّا الجوع والعطش؛ لجَهله بأحكام الصيام.
معرفة قيمة الوقت:
إذ إنّ الكثير من الأوقات الثمينة تضيع بسبب الجهل بقيمتها؛ ولذلك لا بدّ للمسلم من اغتنام كلّ دقيقةٍ في الأعمال الصالحة، والقُربات، قال ابن الجوزيّ -رحمه الله-: "ينبغي للإنسان أن يعرف شرف وقيمة وقته؛ فلا يضيّع فيه لحظةً في غير قُربةٍ.
وتجدر الإشارة إلى أنّ شهر رمضان المبارك من أثمن اللحظات، فقد قَال الله -سبحانه وتعالى- واصفاً شهر رمضان: (أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ)، وفي الآية إشارةٌ إلى أنّ موسم رمضان العظيم أيّامه قليلةٌ سريعة الذهاب، فلا بُدّ من الاستعداد لاغتنامها؛ حتى لا يقع الندم على تضييعها بعد فوات الأوان.
و محاولة الانتهاء من بعض الأعمال التي تستغرق وقت و مجهود و من الممكن إنجازاها قبل رمضان ، كما تقوم النساء بتحضير المنزل و تحضير بعض الأشياء لتوفير متسع من الوقت في رمضان للعبادة فلعله اخر رمضان فاغتنمه.
ومحاولة التقليل من الوقت المستغرق فى الجلوس على الهواتف ومواقع التواصل الاجتماعى وقضاء الساعات الطويلة أمام الشاشات ومشاهدة الفيديوهات، فليس من المتوقع أن يحدث هذا فجأة بمجرد قدوم شهر رمضان بل يجب التدرب عليه من الأن.
و أخيرا نختم بهذا الحديث لنبي صلى الله عليه و سلم لندرك حجم الخسارة التي نخسرها إن لم نستغل هذا الشهر.
صعِد النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم المنبرَ ، فقال : آمين ، آمين ، آمين ، فلمَّا نزل سُئل عن ذلك ، فقال : أتاني جبريلُ ، فقال : رغِم أنفُ امرئٍ أدرك رمضانَ فلم يُغفرْ له ، قُلْ : آمين ، فقلتُ : آمين ، ورغِم أنفُ امرئٍ ذُكِرتَ عنده فلم يُصلِّ عليك ، قُلْ : آمين ، فقلتُ : آمين ، ورغِم أنفُ رجلٍ أدرك والدَيْه أو أحدَهما فلم يُغفرْ له ، قُلْ : آمين ، فقلتُ : آمين .
استقيموا يرحمكم الله و لا تخسروا هذا الشهر فإنه يأتي مرة واحدة بالعام و قولوا لعله اخر رمضان.
تعليقات
إرسال تعليق