الوسائل المعينة على الخشوع فى الصلاة:
اعلَمْ أن الخشوع في الصلاة بمنزلة الروح من الجسد، فإذا فُقِدت الرُّوحُ، مات الجسد؛ فالخشوعُ رُوح الصلاة.
من يصلى بلا خشوع كمن ذهب إلى العمل و قام بالتوقيع في دفتر الحضور أنه حضر إلى العمل لكى يرى مدير العمل حضوره لكن لم يتقن عمله فما النتيجة في النهاية و هل سيرضى مدير العمل بمجرد الحضور أم أنه لن يرضى إلا إذا ظهر العمل بأحسن صورة .
تعريف الخشوع في الصلاة:
الخشوع في الصلاة: هو إقبال المسلم على الصلاة بقلبه، مستحضرًا عظمة الله تعالى، ومتدبرًا في معاني آيات القرآن الكريم، ومتفكرًا في جميع الأقوال والأفعال المشروعة في الصلاة.
الخشوع من صفات عباد الرحمن:
قال تبارك وتعالى: ﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ*الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ ﴾ [المؤمنون: 1، 2].
قال الله تعالى: ﴿ وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ ﴾ [البقرة: 45].
قال الإمام ابن كثير - رحمه الله -: إن الصلاة لثقيلةٌ إلا على الخاشعين.
قال سبحانه: ﴿ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ﴾ [الفتح: 29].
عن ابن عباسٍ، في قوله: ﴿ سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ ﴾ [الفتح: 29]، قال: (السَّمْتُ الحسَن)
، عن مجاهد: ﴿ سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ﴾ [الفتح: 29]، قال: (الخشوع)؛ (تفسير الطبري )
الوسائل المعينة على الخشوع :
1)معرفة أن ثواب الصلاة يكون بمقدار الخشوع فيها:
روى أبو داود عن عمار بن ياسرٍ رضي الله عنهما، قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن الرجل لينصرف وما كتب له إلا عُشر صلاته، تُسعها، ثُمُنها، سُبعها، سُدسها، خُمُسها، رُبعها، ثُلثها، نصفها))؛ (حديث حسن).
هذا الحديث دليلٌ على أن ثواب الصلاة يختلف باختلاف الأشخاص بحسَب الخشوع والتدبُّر فيها
عن عائشة، قالت: سألتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الالتفات في الصلاة؟ فقال: ((هو اختلاسٌ يختلسه الشيطان مِن صلاة العبد))؛ (البخاري حديث: 751).
قولها: (الالتفات في الصلاة)؛ أي: الالتفات بطرف الوجه.
قوله: (اختلاسٌ)؛ أي: أخذٌ بسرعةٍ.
قوله: (يختلسه الشيطان)؛ أي: يحمل الشيطانُ المصليَ على هذا الفعل.
قوله: (من صلاة العبد)؛ أي: يظفَرُ به الشيطان من كمال صلاة العبد، أو لأجل نقصان صلاته؛
2) التوسل إلى الله بالدعاء للخشوع في الصلاة:
فيجب على المسلم أن يتضرع إلى الله تعالى ويسأله التوفيق للخشوع الذي يحبه في الصلاة ؛ فالدعاء هو دأب عباد الله الصالحين، و لقد وعدنا الله سبحانه بأن يجيب دعاءَ مَن دعاه؛ فقال سبحانه: ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾ [البقرة: 186].
عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ادعوا اللهَ وأنتم موقنون بالإجابة، واعلموا أن الله لا يستجيب دعاءً مِن قلبٍ غافلٍ لاهٍ))؛ (حديث صحيح)
3) معرفة أن الصلاةَ هي أول ما يحاسِب اللهُ العبدَ عليه يوم القيامة:
عن أبي هريرة، قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة من عمله صلاته، فإن صلَحت فقد أفلَح وأنجَح، وإن فسَدت فقد خاب وخسِر، فإن انتقص من فريضته شيءٌ، قال الرب عز وجل: انظروا هل لعبدي من تطوُّعٍ؟ فيكمل بها ما انتقص من الفريضة، ثم يكون سائر عمله على ذلك)) حديث صحيح
قوله: (هل لعبدي من تطوعٍ؟): هل لعبدي سنَّة أو نافلة من صلاةٍ؟
قوله: (ثم يكون سائر عمله): سائر عمله من الصوم والزكاة وغيرهما.
قوله: (على ذلك): إن ترك شيئًا من المفروض يكمل له بالتطوع .
4)معرفة أن الصلاة صلةٌ بين المسلم وبين الله تعالى:
عن أبي هريرة، فإني سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((قال الله تعالى: قسمتُ الصلاة بيني وبين عبدي نصفينِ، ولعبدي ما سأل، فإذا قال العبد: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الفاتحة: 2]، قال الله تعالى: حمِدني عبدي، وإذا قال: ﴿ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴾ [الفاتحة: 3]، قال الله تعالى: أثنى علَيَّ عبدي، وإذا قال: ﴿ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ﴾ [الفاتحة: 4]، قال: مجَّدني عبدي، وقال مرةً: فوَّض إليَّ عبدي، فإذا قال: ﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾ [الفاتحة: 5]، قال: هذا بيني وبين عبدي، ولعبدي ما سأل، فإذا قال: ﴿ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ﴾ [الفاتحة: 6، 7]، قال: هذا لعبدي، ولعبدي ما سأل) (مسلم حديث 395).
5) التفكُّر في معاني آيات القرآن الكريم:
قال تعالى: ﴿ وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ [الأعراف: 204]
قال سبحانه: ﴿ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ﴾ [محمد: 24].
6)تذكَّرْ أن الموتَ يأتي فجأة:
جاء رجلٌ إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، علِّمْني، وأوجز، قال: ((إذا قمت في صلاتك فصلِّ صلاةَ مُودِّعٍ، ولا تَكلَّمْ بكلامٍ تعتذر منه، وأجمِعِ اليأسَ عما في أيدي الناس)) (حديث حسن)
8)الاستعاذة بالله من الشيطان :
معنى الاستعاذة:
الاستعاذة: هي الالتجاءُ إلى الله، والاعتصام به، والالتصاق بجَنابِه مِن شرِّ كل ذي شرٍّ؛
قال الله تعالى: ﴿ فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ﴾ [النحل: 98].
عن أبي العلاء: أن عثمانَ بن أبي العاص أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، إن الشيطان قد حال بيني وبين صلاتي، وقراءتي يلبسها علي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ذاك شيطانٌ، يقال له: خِنزِبٌ، فإذا أحسسته فتعوَّذْ بالله منه، واتفُلْ على يسارك ثلاثًا))، قال: ففعلت ذلك؛ فأذهَبَه اللهُ عني؛ (مسلم - حديث: 2203).
قوله: (حال بيني وبين صلاتي)؛ أي: منعني لذة صلاتي، والفراغ للخشوع فيها.
قوله: (يلبِّسها عليَّ)؛ أي: يخلِطها ويشككني فيها.
قوله: (فتعوَّذْ بالله منه)؛ أي: لا خَلاصَ من وسوسته إلا بحول الله وقوته، وحفظه ومعونته لك.
9)عدم النظر إلى ما يَشغَل أثناء الصلاة:
مثل سجادة بها الكثير من النقوش تلفت النظر أو ما شابه ذلك مما يشغل في الصلاة.
روى الشيخان عن عائشة: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في خميصةٍ لها أعلامٌ، فنظر إلى أعلامها نظرةً، فلما انصرف قال: ((اذهبوا بخميصتي هذه إلى أبي جهمٍ، وأتوني بأَنْبِجَانيَّةِ أبي جهمٍ؛ فإنها ألهتني آنفًا عن صلاتي))؛ (البخاري حديث: 373/ مسلم حديث: 556).
قوله: (فلما انصرف): انتهى من الصلاة.
قوله: (خميصةٍ): كساء من صوف رقيق.
قوله: (أعلامٌ): خطوطٌ بألوانٍ مختلفةٍ.
قوله: (بأنبجانية): كساء لا خطوط فيه، منسوبٌ إلى مكانٍ يقال له: أنبجان.
قوله: (ألهتني): شغَلتني في صلاتي.
قوله: (وأتوني بأنبجانية أبي جهمٍ): طلب النبي صلى الله عليه وسلم أنبجانية أبي جهمٍ بدل الخميصة؛ لئلا يتأذَّى أبو جهمٍ برد النبيِّ صلى الله عليه وسلم هديتَه
10)إزالة ما يَشغَل المسلم أثناء الصلاة:
يجب على المسلم أن يلقي أمور الدنيا وهمومها خلف ظهره قبل الدخول في الصلاة، ويحاول أن يتخلص مما يجعله ينشغل في صلاته، فإذا كان جائعًا، فعليه أن يتناول طعامه، وإن كان محتاجًا لدخول دورة المياه، فعليه أن يقضي حاجته أولًا، وقد جاءت سنَّة نبينا صلى الله عليه وسلم بذلك.
روى مسلمٌ عن عائشة رضي الله عنها، قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((لا صلاة بحضرة الطعام، ولا هو (أي المصلي) يدافعه الأخبثانِ))؛ (مسلم حديث 560).
قوله: (بحضرة الطعام)؛ أي: بحضور طعامٍ يريد أكله.
قوله: (الأخبثان)؛ أي: البول والغائط، وفي معناه: الرِّيح والقيء؛ (مرقاة المفاتيح - علي الهروي - جـ 3 - صـ 835).
روى مسلمٌ عن أنس بن مالكٍ، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ((إذا حضر العَشاء، وأقيمت الصلاة، فابدؤوا بالعَشاء))؛ (مسلم حديث: 557).
واخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
جميل 💛
ردحذفجزاك الله خيرا
حذفشكرا لذوقك الراقى