تربية الأولاد من الواجبات المطلوبة من الأبوين، أمر الله تعالى بها في القرآن وأمر بها الرسول صلى الله عليه و سلم، وقد قال الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون} [التحريم:6].
قال صلى الله عليه و سلم (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له) رواه مسلم
فعلينا تعليم أولادنا وأهلينا الدين والخير وما لا يستغني عنه من الأدب وهو قول الله تعالى:
{وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا ۖ لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا ۖ نَحْنُ نَرْزُقُكَ ۗ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَىٰ} سورة طه 132 ، ونحو قوله تعالى للنبي صلى الله عليه وسلم : {وأنذر عشيرتك الأقربين} ، وفي الحديث : «مروهم بالصلاة وهم أبناء سبع» .
والمسلم - أي مسلم – داعية إلى الله تعالى ، فليكن أولى الناس بدعوته أولاده وأهله من الذين يلونه ، فالله تعالى عندما كلف الرسول صلى الله عليه وسلم بالدعوة قال له : {وأنذر عشيرتك الأقربين} [الشعراء:214]، لأنهم أولى الناس بخيره ورحمته وبره.
وجعل الرسول صلى الله عليه وسلم مسؤولية رعاية الأولاد على الوالدين وطالبهم بذلك:
عن عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : «كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته الإمام راع ومسئول عن رعيته والرجل راع في أهله وهو مسئول عن رعيته والمرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها والخادم راع في مال سيده ومسئول عن رعيته قال وحسبت أن قد قال والرجل راع في مال أبيه ومسئول عن رعيته وكلكم راع ومسئول عن رعيته » .
رواه البخاري (853) ومسلم ( 1829).
وينبغي عليك أن تبعدهم عن مراتع الفجور والضياع وألا تتركهم يتربون بالسبل الخبيثة من مشاهدة المحرمات فى التلفاز وغيره ثم بعد ذلك تطالبهم بالصلاح، فإن الذي يزرع الشوك لا يحصد العنب، ويكون ذلك في الصغر ليسهل عليهم في الكبر وتتعوده أنفسهم ويسهل عليك أمرهم ونهيهم ويسهل عليهم طاعتك.
عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما قال: قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «مروا أولادكم الصلاة وهم أبناء سبع سنين واضربوهم عليها وهم أبناء عشر ، وفرقوا بينهم في المضاجع » رواه أبو داود (495)
ولكن ينبغي على المؤدب أن يكون رحيماً حليماً سهلاً قريباً غير فاحش ولا متفحش يجادل بالتي هي أحسن بعيداً عن الشتائم والتوبيخ والضرب ، إلا أن يكون الولد ممن نشز عن الطاعة واستعلى على أمر أبيه وترك المأمور وقارف المحظور فعندئذٍ يفضَّل أن يستعمل معه الشدة من غير ضرر.
فتربية الأولاد تكون ما بين الترغيب والترهيب، وأهم ذلك كله إصلاح البيئة التي يعيش بها الأولاد بتوفير أسباب الهداية لهم وذلك بالتزام المربيين المسؤولين وهما الأبوان.
قواعد التربية الصحيحة:
1- الرفق واللين:
وقد وردت عدة أحاديث نبوية ترشد إلى استعمال الرفق واللين في التعامل ، منها:
عن أم المؤمنين عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ تعالى عَنْهَا زَوْج النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ: قال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : «إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الأَمْرِ كُلِّهِ» رواه البخاري (6024) .
وروى مسلم (2592) عَنْ جَرِيرٍ رضي الله تعالى عنه، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ يُحْرَمِ الرِّفْقَ ، يُحْرَمِ الْخَيْرَ».
وعَنْ أم المؤمنين عَائِشَةَ رضي الله تعالى عنها، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : «إِنَّ الرِّفْقَ لاَ يَكُونُ فِي شيء إِلاَّ زَانَهُ ، وَلاَ يُنْزَعُ مِنْ شيء إِلاَّ شَانَهُ» رواه مسلم (2594
وعَنْ أم المؤمنين عَائِشَةَ رضي الله تعالى عنها: أَنَّهَا قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا أَرَادَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِأَهْلِ بَيْتٍ خَيْرًا أَدْخَلَ عَلَيْهِمُ الرِّفْقَ». (صحيح الجامع الصغير:303) .
ومن طبع الأولاد أنهم يحبون الوالد الرفيق بهم، المعين لهم، الذي يهتم بهم، لكن من غير صراخ وغضب، قدر الطاقة، بل بحكمة وصبر.
فالطفل في سن يحتاج فيها إلى الترفيه واللعب، كما أنه في السن المناسبة للتأديب والتدريس، فلهذا يجب إعطاء كلّ شيء حقه باعتدال وتوسط.
والأولاد إذا أحبوا الوالد الرفيق كان هذا الحب دافعا قويا لهم لطاعة الوالد، وبالعكس فغياب الرفق، وحضور العنف والشدة، يسبب النفور، وبالتالي التمرد والعصيان، أو سيطرة الخوف الذي يولد في الطفل الكذب والخداع.
2- استعمال العقوبة عند الحاجة :
التعامل بالرفق لا ينافي استعمال العقوبة عند الحاجة إليها، لكن يجب أن ننتبه إلى أنّ العقوبة في عملية التربية يجب أن تستعمل بحكمة؛ فلا يصح أن نعاقب الولد على كل مخالفة يقوم بها، بل تكون العقوبة، حيث لا ينفع الرفق، ولم يؤدبه النصح والأمر والنهي.
كما أن العقوبة يجب أن تكون مفيدة، فمثلا أنت تعانين من قضاء أولادك لوقت طويل أمام التلفاز، فيمكن أن تحددي لهم برامج لمشاهدتها، تنفعهم ولا تضرهم غالبا، وتخلو من المنكرات قدر الطاقة؛ فإن تجاوزوا الوقت المحدد، فيمكن أن تعاقبيهم بحزم بحرمانهم من التلفاز ليوم كامل، وإن خالفوا مرة أخرى فيمكن أن تحرميهم منه لمدة أكثر من ذلك، بحسب ما يحقق الغرض ، وينفع في الأدب.
3- القدوة الحسنة:
فعلى الوالدين أن يلزموا أنفسهم أولا بالأخلاق التي يسعون إلى تأديب الأولاد عليها، فلا يليق مثلا أن ينهى الوالد ولده عن التدخين وهو نفسه يدخن.
ولهذا قال أحد السلف لمعلم أولاده : "لِيَكُنْ أولَّ إصلاحكَ لِبَنِيَّ إصلاحُك لنفسِك ، فإن عيوبهم معقودةٌ بعيبك، فالحَسَنُ عندهم ما فَعلت ، والقبيحُ ما تركتَ " .
و لنتأمل فى هذه الآية كم أب يفهم حروف ومعانى هذه الآية الكريمة " وأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِى الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَن يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ " صلاح الأب كان سببا فى حفظ الأبناء.
4- البيئة الصالحة:
وهي البيئة التي تمدح الفعل الحسن وتحترم فاعله، وتذم القبيح وفاعله. وفي عصرنا الحاضر كثيرا ما نفقد هذه البيئة الصالحة، لكن نستطيع بالجهد والبذل البدني والنفسي والمالي أن نصنعها – إن شاء الله تعالى -.
ومثلا إذا كان للطفل اهتمام رياضي أو ثقافي معين، فلتجتهد الأسرة في البحث لهذا الطفل عن أندية رياضية أو ثقافية مناسبة يديرها مديرون ملتزمون، والتي ترتادها الأسر الحريصة على أبنائها وتربيتهم تربية صالحة في غالب شؤونهم؛ فالخلطة لها عامل كبير كما تقولين؛ فحاولي أن تتخففي من الآثار السلبية التي تعانينها من جراء الخلطة ، بالخلطة الإيجابية مع الأسر الملتزمة.
وإذا كان الوالد ينفق على اللباس الجميل والطعام اللذيذ والمسكن المريح ، فكذلك عليه أن ينفق على تحصيل الأخلاق الجميلة، وليحستب الأجر عند الله تعالى.
و أن لم يتوفربيئة مناسبة نقلل الأختلاط على قدر الامكان مع التركيز على قرءاة السيرة النبوية و قصص الأنبياء و الصحابة و الصالحين ليجد فيهم الصحبة الصالحة .
" {قُرَّةَ أَعْيُنٍ} أي: تقر بهم أعيننا.
وإذا استقرأنا حالهم وصفاتهم، عرفنا من هممهم وعلو مرتبتهم، أنهم لا تقر أعينهم حتى يروهم مطيعين لربهم، عالمين عاملين، وهذا كما أنه دعاء لأزواجهم وذرياتهم في صلاحهم، فإنه دعاء لأنفسهم، لأن نفعه يعود عليهم، ولهذا جعلوا ذلك هبة لهم ، فقالوا: {هَبْ لَنَا } بل دعاؤهم يعود إلى نفع عموم المسلمين، لأن بصلاح من ذكر، يكون سببا لصلاح كثير ممن يتعلق بهم، وينتفع بهم " .
وقد كان الأنبياءُ يهتمون بذلك، فإبراهيمُ يقول : (( وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ )) ،
(( رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي )) , (( رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً )) .
ويقول زكريا : (( رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ)) .
6- رقابة الوالدين لأولادهما:
الذي ننصح به أن تقوم الأم أو يقوم الأب كل فترة بتفتيش ممتلكات أولاده، وذلك لما قد يزينه الشيطان للأولاد باقتناء شيء محرم لا يحل النظر إليه أو لا يحل استماعه، وهذا من المسئولية التي أوجبها الله على الوالدين تجاه أبنائهم.
وكثير من الأبناء والبنات كان السبب في هدايتهم وتركهم ما هم فيه من المنكرات والآثام: يقظة آبائهم وأمهاتهم، وحسن رعايتهم، والقضاء على المنكر في أولِّه، أو لتحُذِّر من صاحب أو صاحبة سوء من أول الطريق أمر سهل، أما لو طالت المدة فإن فكاك الأبناء والبنات من هؤلاء المفسدين يكون أمراً صعباً.
وفي أكثر الأحيان يعرف ما عند الأبناء والبنات من المنكرات بتفتيش حقائبهم أو قراءة كتبهم أو معرفة أصحابهم.
وكم من شاب أو شابة تمنى أن لو راقب أهلهم تصرفاته وفتشوا متاعهم في أول حياتهم قبل تمكن الفساد من قلوبهم .
لذا فإننا ننصح بهذا، وليكن ذلك بين الفترة والأخرى، -ومن غير أن يشعروا هم بذلك-، خشية الانتباه وعدم وضع ما يرتاب فيه في متاعهم.
7- تربية الاولاد على مراقبة الله :
فلنتأمل جيدا فى هذه الوصية النبوية
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كُنْتُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا فَقَالَ:
(( يَا غُلَامُ إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ احْفَظْ اللَّهَ يَحْفَظْكَ احْفَظْ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلْ اللَّهَ وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ وَلَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ رُفِعَتْ الْأَقْلَامُ وَجَفَّتْ الصُّحُفُ))
8- تعليمهم العلوم النافعة :
"ننصحك بتعليمهم القرآن الكريم، والسنة النبوية الصحيحة، وما فيها من أخلاق الإسلام، من البر والصلة والصدق والأمانة وغيرها، وتعاهدهم في المحافظة على الصلوات في الجماعة، وكذلك آداب الإسلام في الأكل والشرب والحديث وغيرها،مثلما كان يفعل النبى صلى الله عليه وسلم ومنها قوله لطفل يعلمه آداب الطعام: ... سم الله وكل بيمينك وكل مما يليك وغيره ، ومنها قوله لآخر: ... يا غلام إني أعلمك كلمات، احفظ الله يحفظك... فإن هم شبوا على هذه الأخلاق والآداب العظيمة اهتدوا واستقاموا بإذن الله تعالى، ونبتوا نباتاً حسناً، فنفعوا أنفسهم ونفعوا أمتهم، ولك في ذلك الأجر العظيم"
9- شغل أوقاتهم بالأنشطة :
- تشجيع الطفل على ممارسة هوايات متعددة مثل ، التلوين و اللعب بالصلصال .
- بالإضافة إلى حل الألغاز الصغيرة، والتركيبات البسيطة، والمكعبات،و البازل ، والتعرف على الألوان، والأرقام، والحيوانات، وغيرها.
- والتردد على المكتبة، وقراءة القصص
- ممارسة الرياضة، واكتساب خبرات جديدة
الأجهزة الإلكترونية كلما زاد نشاطه البدني .
- قضاء بعض الوقت في تعلم لغة جديدة.
- إشراك الطفل في الأعمال المنزلية مثل: كنس المنزل، إخراج سلة النفايات، مسح الأسطح والأرضيات وغيرهم.
- ممارسة بعض الأعمال اليدوية .تنمي الأشغال اليدوية قدرات التفكير
تساعد على التركيز فتحتاج هذه الأنشطة لطولة البال و الصبر و التركيز
- ولتفاصيل اكثر ننصح بقرءاة موضوع أهمية الأعمال اليدوية وتأثيرها في تربية الطفل
أولاً: ترجع أهمية غرس بذور التطوع في البناء النفسي للطفل منذ الصغر لأنها تساعد الطفل على النجاح في الحياة وتدربه على طرق المواجهة في المواقف المختلفة، خصوصاً في مواقف الأزمات.
ثانياً: الاعمال الخيرية تنمي روح الانتماء للمجتمع الصغير، أي الأسرة، ثم الكبير وتجعله يتدرب على تحمل المسؤولية بالتدريج، وهذا يدفعه لأن يكون فاعلاً .
ثالثا :تجعله يشعر بالأخرين و يتفكر فى ما انعم الله عليه من نعم و يرضى بما قسم الله له و يشعر بقيمة كل عمل يفعله له ابوه و أمه فنساعد بذلك فى حل مشكلة السخط الدائم لدى الأبناء و التطلعات الزائدة .و زيارة المقابر ترقق القلب و تذكر بالأخرة و الحساب .
رابعاً: المساهمة في الأعمال الخيرية تساهم تعويد الطفل على تحمل المسؤولية حسب قدرته وطاقته والتي تبدأ بأعمال صغيرة حسب سنه لأن مثل هذه الأعمال تمنح الطفل شعوره بذاته وواجباته تجاه الغير، وبذلك تنمو معه هذه القيم منذ الصغر ليصبح رجلاً أو امرأة مسؤلين في المستقبل.
تعليقات
إرسال تعليق